- أغاني

هل تقرر مسار إجباري الاعتزال بعد “مبقتش أخاف”؟

عشرون سنة هي عمر بأكلمه في حياة حيواناتنا الأليفة، وعمر الطفولة والمراهقة وثلث حياتنا الفعلية كبشر، هي رحلة “مسار إجباري” في دهاليز عالم الموسيقى البديلة، بدأتها كقطرات ندى من مطر الشغف لتتحول تلقائيا لعاصفة تجديد موسيقي، و حالة خاصة جدا في قلوب جمهورهم الوفي، فمن ارتشف ولو بالصدفة رشفة من كأس موسيقاهم أصبح دون أن يدري مدمنا عليها، مدمنا على حضور حفلاتهم، مدمنا على حفظ وترديد أغانيهم، يتحول من شخص عادي إلى “نيرد لمسار”، حفلاتهم دوما لها مذاق سحري وكأنك خضت أولى رحلاتك كهاري بوتر إلى مدرسة هوجووارتس، فتبقى تعاويذهم “سحراك” طوال حياتك، أغانيهم ليست مجرد كلمات أو “مزيكا يترقص عليها وخلاص”، بل هي “ترياق” يشفي جراح المشاعر، وحفلاتهم “روشتة” علاج لكل مشاكلك النفسية وصراعاتك العاطفية وحتى مراحلك الحياتية.

“مابتكسرناش مهما بتقسى.. بالصبر بنوصل وبنرسى..وبرغم صعوبة سكتنا عمرنا ماوصلنا طريق مسدود”.. بجرعة مركزة من الأمل والتفاؤل المختلطة بدموع أول تنهيدة بعد الوصول لقمة جبل الأحلام.. وضعت فرقة مسار إجباري مسك الختام على رحلة موسيقية استمرت عشرين عاما، غرزت خلالها بذرة اسمها في تربة الساحة الفنية المصرية والعربية لتطرح موسيقاهم شجرة حب وامتنان من قاعدة جماهيرية تنوعت أساسها بين عدة أجيال مختلفة الأعمار والتوجهات الفكرية، فمن كان يسمعهم في مراهقته عاد الآن بكل شغف يسمع ألبومهم الختامي مع أولاده، ومن ارتشف من كأس انبهاره بصباحك واقرا الخبر ومرسال حين كان طفلا يخوض الآن مغامرته الحياتية الجامعية.

عشرين عاما جمعت خمسة أفراد غرباء على فكرة “مسار” جديد غير المعتاد في وقتهم، مسار مختلف عن الإجباري في مجتمعهم والإجباري في مواجهة أحلامهم وقرروا بالموسيقى كسر حاجز “المفروض” الإجباري والانصياع وراء رغبتهم المفرطة في خوض غمار البحر الفني رغم عدم احترافهم العوم في وقتها، ليقرروا تحويل صداقتهم وشغفهم إلى “بلبطة” في مواجهة الموج حتى وجدوا أنفسهم يسبحون باحتراف بدون خوف وتردد.

صداقة عمر جمعت هاني وأيمن وصيام وحافظ وتوسي، تحولت سنة تلو الأخرى لعشرة و”عيلة”، يتعايشون مع بعضهم البعض كافة تفاصيل حياتهم، كبروا مع بعض ونضجوا مع بعض واحترفوا المجال مع بعض وخاضوا غمار حياتهم الشخصية مع بعض، وعاشوا “حرفيا” مع بعضهم البعض في بيت واحد وهو “الاستوديو” الخاص بهم في المعادي قبل أن يقرروا أن يطووا صفحة “بيتنا القديم” لأولى صفحات الفصل الجديد في كتابهم في ستوديو الشيخ زايد، الذي بنوه بكل التفاصيل التي كانوا دوما يحلمون أن تكون في “بيت العمر”.

مبقتش أخاف.. اسم اختاره خماسي الفرقة ليعبر عن المرحلة الختامية “ربما” في مشوارهم أو ربما انطلاقة جديدة بعد عشرين سنة، الاسم نفسه داعب أفكار كل “نيرداوي لمسار” ليسترجع به ذكريات واحدة من أقدم أغنياتهم، “متخافش من بكرا خاف بس من خوفك، خلي الحياة فكرة وارسمها بحروفك”، التي ظهرت في ألبومهم الأول “اقرا الخبر”، ليقرروا أن يحمل اسم ألبومهم الخامس ردا بمثابة “سيكوال” للأغنية، بعد سنوات خاضوها بين التحديات والتقلبات والنجاحات في مطاردة حلمهم، حتى تنهدوا تنهيدة الوصول لقمة جبل أحلامهم وداعب السحاب عيونهم، لتتحقق نبوءة الأغنية “إياك تكون ندمان أو محنى لظروفك، كل الجراح جواك بالصبر تطرح ورد”، لتحمل افتتاحية ألبومهم الجديد كلمات “أدها وأدود، برغم صعوبة سكتنا عمرنا ما وصلنا طريق مسدود”.

 دستة أغاني وتحديدا إحدى عشر، حصيلة أطول ألبوم غنائي في مسيرة مسار، قرروا أن يبدأوا أول سنة في رحلتهم الجديدة بعد “العشرين” بجرعة دسمة من الأغاني تعويضا للجمهور عن غيابهم الطويل عن ساحة الألبومات بعد ثلاث سنوات من آخر “ميني” ألبوماتهم نص الحاجات وسبع سنوات عن آخر ألبوم طويل لهم، وتناثرت مسار غبار نجوم الألبوم في سماء جمهورها بالتدريج كتوليفة مزاج بين التشويق وري عطش اللهفة تدريجيا عبر إطلاقه على ثلاثة أجزاء، بداية من أغنيات “أدها وأدود” و”بمبي” و”بنتكلم” مرورا بثمان أغنيات تصدر بشكل رباعي خلال يناير وفبراير، ختاما بكليب الأغنية الرئيسية “مبقتش أخاف”.

ألبوم هو الخامس في مسيرة عشرين  سنة، ظهر للنور مصحوبا بفيلم وثائقي يحكي حكاية “عيلة مسار”، وممزوج بتغيير كامل في جلد الفرقة الموسيقي عبر حالة أغنيات الألبوم سواء الشكل الموسيقي والكلمات وطريقة التسويق والتصوير، ليكون الألبوم و”الدكيومنتري” بمثابة خطاب الوداع من مسار، ختاما لمسيرتهم “ربما”.. عملا بمقولة “هو العمر فيه كام عشرين سنة”.. وتجسيدا لأشهر مقولات أغانيهم “ده اللي فاضل مش كتير”..

ولكن تتر نهاية الفيلم لا يعني نهاية الحكاية.. فكما قال هاني الدقاق ذات مرة “ساعات نهايات الحكاوي بتسيب معاها سؤال؟.. ونظرا لكوني واحد من الفانز المخلصين لمسار واعتبر نفسي بكل فخر فردا من عيلة مسار إجباري أرد على التساؤل بكمالة الأغنية نفسها..

“وكام باب أمل مقفول بيتوارب مع الأيام.. عجبي على نهاية طريق يبدأ طريق تاني”.

شارك:
السابق